فجأه
وجدت نفسي أحلق في عنان السماء عاليا ... وأعلو و أعلو و أعلو .. ووجدت نفسي لم أعد أنا ... وجدت نفسي طائرا يحلق في الأفق ... طائرا يحمله النسيم الجميل ... وجناحاته ترفرف بفرح وانبساط ... وجدت صوتي مختلف ... تمام الاختلاف مثل شكلي ... فوجدته جميلا شاديا ... فرحا .. واختلفت نظرتي للكون أيضا .. فالنظر من أعلى لا يشبه النظر من الأرض في شئ ..
ولكنني فوجئت بشئ غريب ...
وجدت دما يتساقط مني وكلما أعلو كلما تساقط أكثر... فحزنت على نفسي وبكيت ...
ووجدت نفسي اهوي واهوي .. عندما بكيت ..
حتى نزلت ووقفت على شجرة كبيرة .. تحيطها الخضرة من كل جانب ... ويمر أمامها جدول المياه العذبة .. صانعا خريرا يشتبك مع صوت الرياح الخفيف وصوت الكروان الذي قد أحس بان صوته سيكمل المقطوعة الجميله .
ونظرت ساعتها للنهر الصغير ووجدته على غير العاده لونه ليس بمظلم .. كما اعتدت رؤيته في هذا الوقت من الليل ...
بل وجدته أملس ... كان لونه أملس شعرت به دون أن المسه .. ووجدته يجاريني الإحساس عن طريق تلألأ حركاته بلونه الفضي .. من ضوء الونيس .. الذي طالما ملأ ظلمة الليل بالنور الأبيض الصافي ... نور الحب والحياة ...
فكان القمر صاحيا ... ومشاركا في لوحة الطبيعة الرقيقة ...وأحسست به يستعين بالهواء وينادي السحاب لتغطي بعضه .. لترى ضوئه ينتشر من حولها وكأنما أحب أن تكون مظاهرة للجمال يشارك فيها كل يوجد بها ....
وسمعت الصوت الملائكي الصغير ... صوت العصافير الصغار ... وهي تحتاج إلى من يحبها ويرعاها .. ويطمئن لها وتطمئن هي به .. ووجدت نفسي انظر إليها نظرة لم افهمها .. فهي كانت نظرة مليئة بالحب يتغمدها الشفقة ويغلفها الحنان ويشوبها الخوف ..
فماذا سيفعل هؤلاء الصغار لو أصبحوا وحدهم ... فالكل يحتاج للرعاية ... أما هؤلاء فهم لا يحتاجون إلا للرعاية ..
وما أزاح عني الخوف .. كان ردة فعل الأم ... ردة الفعل المتمثلة في إغمار الحنان .. حنان الأم وهي قد لا تدري لما تفعل هذا .. فالحب الجارف هو ما يحركها ...
الحب الذي غرسه في فطرتها ... سبحانه وتعالى الودود ... من يحبنا ... ويرعانا ... ويجعل لنا أمهاتنا تحبنا وترعانا .. حتى رغما عنها أحيانا .. سبحانك ياربي ...
وبينما أتابع المشهد كله بشغف ... و استمتع بالصوت البهيج ..ودورانات الكروان في السماء هو ومن يسعد معه في تلك اللحظة الجميله ..
عاودني الألم وعاودني النزف .. وكأنما هو يختار لحظاتي الأجمل ليفسدها ... فحاولت التغاضي عنه مرة أخرى... ولكني هذه المرة لم استطع ... بل لم استطع التحرك ... فكأنه قيدني دون أن اشعر .. فرغم وجود جناحاتي وقدرتي إلا انه رغما عني .. قيدني ..
وهنا توقفت وفكرت ... من الأصل .. كيف أصبحت هكذا .. كيف أصبحت أطير وأطير ... كيف أصبحت أرى الكون من أعلى ... أراه بشقه الأجمل .. دون رؤية متاعبه وآلامه ... وما سبب هذا الجرح ...
وكنت إما أبقى مكاني أحاول معرفة السبب ... ومداواة الجرح لعله يشفى ... أو أن أحاول وأحاول وأحاول .. لاستطيع أن أطير مرة أخرى ... وهنا تردد السؤال بقوة ... أيمكن أن أعود كما كنت ؟؟!
ولم أكن اعلم من أين ... ولا من ... لكني وجدتها تغطي على كل ما اسمع ... وهي كلمة نعم تستطيع ... تقال بصوت عالي وتتكرر . وكأنها كانت الاختيار الوحيد ... رغم صعوبته ...
فحاولت وحاولت ... وفشلت ...
و حاولت وحاولت ... وفشلت ...
ثم حاولت وحاولت وحاولت ... ونجحت ...
نعم ... استطعت ... طرت عاليا ... وأطلقت صيحة ... قد تكون غريبة ... وقد توصمني حتى بالجنون ... لكنها كانت قويه ... وكأنها كانت هي انطلاقتي ...
ووجدت ساعتها جرحي يجف ... ووجدت نفسي أطير وأعلو و أسمو ... حتى رجعت لمكاني ... رجعت للقمه ...
2 التعليقات:
جميله هذه الصوره الشاعريه وقدرتك علي تصويرها
ربما طرح علي عقلي اسئله حول مغزي هذا المشهد المتميز ؟؟؟؟؟؟؟؟
تحياتي
اولا اشكرك شكرا جزيلا على تشريفك مدونتي المتواضعة ...
فانت صاحب قلم احترمتة كثيرا ...
واجابة هذة الاسئلة يطول ويطول ...
فهو عمر .. واحداث .. ومشاعر كثيرة ...
سيتسنى الوقت باذن الله لذلك ...
لك من كل الشكر والتقدير ...
نورت البلوج يا باشا ...
إرسال تعليق