أجلس على مقعدي الوثير ...
و أتحرك به لأعلى و أسفل ... في هدوء ...
كم أحب هذا المقعد الهزاز ...
أجلس و أنظر لحجرة مكتبي ...
أدور ببصري في أرجائها ...
و أوزع نظراتي لكل ما فيها ...
يوقفني التمثال الصغير ....
الذي ابتعته من محل الخواجه دانيال في محطة الرمل بالاسكندرية ...
ياه ... مرت سنين طويلة ...
أعود و أطوف ببصري ... في حجرة مكتبي المزدحمه ...
مستمعا لأنشودتي المفضلة من الموسيقى الكلاسيكيه ...
والتي لا أمل أبدا من سماعها ...
فأستمع في هدوء ...
ثم ألاحظ أن ثمة صوت ضعيف يخترقه هو الآخر ...
صوت متكرر ...
أعرفه جيدا ...
فأحاول أن أميزه ....
فأجده صوت ساعتي القديمة ....
ذات البندول المتحرك ... صاحب الصوت المميز ...
فأحاول أن أضبط حركتي على الكرسي مع البندول ...
....
آه ... ما هذا الفراغ القاتل ...
أين أنا ؟؟؟ أين ذهبت ؟؟؟
أين ذكرياتي ...
أين ذهبت حياتي ... هل نضب نشاطي فعلا ؟؟؟
هل سمحت لسنين العمر أن تنال مني ؟
لا ... لن أسمح بذلك ...
سأبحث عن ذاتي ... سأسترجع ذكرياتي ...
فأقوم من مكاني ... و أتحرك ... ناحية مكتبتي الكبيرة ...
و أدور بيدي بينهم ...
حتى انتقيت احدهم ...
فمسكته بكلتا يدي ... فرحا ...
و كأنني وجدت كنزا ثمينا ...
ورجعت إلى الكرسي ...
واسترخيت ...
ومسكت الألبوم ...
ونظرت إلى غلافه ...
فقط غلافه ...
وبدأت تحاصرني الذكريات ...
فقررت أن أباغت كل تلك الذكريات الحزينه ...
و أفتح الألبوم ...
.........
فكانت الصورة الأولى ...
منذ ما يقرب من ثلاثين عاما ...
كنت في ريعان الشباب ساعتها ...
ومعي زوجتي الحبيبه ...
آه ... كم أفتقدك يا حبيبتي ...
لكنه القدر يا حبيبتي !
وكان هناك أيضا ابني أحمد ... و ابنتي سحر ...
أحمد كان ساعتها في الصف الثالث الثانوي ...
وسحر كانت في الصف الثاني من المرحلة الاعدادية ...
ياه ... كم كانت جميله سحر ... بشعرها الذهبي ...
ووجها الطفولي ...
و أحمد ...
كان يرتدي يومها القميص الذي تشاجرت معه كي لا يرتديه ...
ولكنني وافقت في النهايه ... كي لا أجبره على شيء ...
أترى هذا هو سبب ما يعاملني به الآن ...
أيكون هذا القميص هو السبب ؟؟
بالتأكيد لا ...
لقد تركته في النهاية ...
و كان في الصورة به معي ... رغم امتعاضي الذي لم أظهره كي لا يشعر ...
.....
الصورة الثانية ...
كانت يوم زفاف سحر ... أظن أنه كان أكثر أيامي سعادة ...
فيومها رقصت معه ومعها ....
وكانت ابتسامتي تملأ وجهي ...
وما توقفت عن تصوير ابنتي ... وعن تصوير نفسي معها ...
وتلك هي احدى تلك الصور...
فكنت أنا و سحر ... ومحمد زوجها ...
وزوجتي الحبيبة ...
لا أعلم ...
لقد كان يملأني فرح شديد ...
لسعادتي أنني زوجت ابنتي كما أريد وكما هي تريد أيضا ...
ولكنني لم يكن بمقدوري اخفاء حزني وبكائي الشديد في نهاية تلك الليلة ....
فلم أكن أتخيل البيت من دونها .... ولكنها طمئنتني يومها ...
وقالت لي ... لا تقلق ياأبي ...
لن تشعر أنني تركت البيت ... ستجدني دائما بجانبك ومعك !
أتذكر كلماتها تلك كلمة كلمة ....
و أتذكر أيضا يوم وداعها لي في المطار ...
بأن سفرها سيكون سنة واحدة أو اثنين على الأكثر ....
و أن الصيفبأكمله ستقضيه معي ...
وها قد مضى خمسة عشر عاما ...
ولم تزرني من يومها الا مرات قليله ...
يقل عددها بمرور الزمن ...
ألا أستحق يا عزيزتي ....
أن تؤنسي وحدتي ... تنيري ظلام حياتي ...
أهكذا يكون رد الجميل؟؟؟
لو كانت أمك تعيش ...
ما حسبت أن سيكون حالي هكذا ...
لكن تلك هي إرادة الله ...
ألا أستحق يا ولدي العزيز ...
أن تتغمدني بقليل من العطف ؟؟
ألا أستحق زيارة اسبوعية حتى ...
بدلا من مكالمتك السريعه ...
والتي أشعر أنها اصبحت حملا ثقيلا عليك في العيد ...
حتى مكالمة التليفون !!
وماذا أفعل في قلبي ...
مجبر أن يحبكم ... أنت و أختك و أمكم ... رحمة الله عليها ...
لا يسع قلبي آخرين ... ولا أجدكم ...
وكلما حاولت أن أنسى ....
أجد نفسي قد تحلولت لمسخ ... لا طعم له ...
ولا لشي أفعله ...
وكلما أبحرت في ذكرياتي ...
أجد ما يحزنني ...
لا أجد سوى العصافير الصغيرة أكلمها ...
والسمك الصغير أتابعه ...
و أحاول أن أنسى ...
و اهتم بتفاصيل حياتي الصغيرة ...
لعل الله يحدث أمرا ...
يغير مما أعيش فيه ...
أنا صابر يارب ...
فيا مقلب القلوب ...حرك قلوب أبنائي من أجلي !
5 التعليقات:
آمين
شكرا ياعمرو
!!!
يالله
كم هى رقيقة
وطيبة الصياغة أيضا
إلا من كلمتين أو ثلاثة لم يصيوا أذنى :)
جميلة ما شاء الله
غير معرف
عفوا صديقي العزيز :)
شق القمر
الحمد لله ... ارجو مواقاتي برأيك فيها ككتابة في رسالة ميل او على الفيس بوك ...
شكرا جزيلا لردك واهتمامك ...
http://2ahwasada.blogspot.com/2009/03/21.html
فيهم شبة من بعض بس بنهاية مختلفة -نسبياً-
سلامٌ عليك
نعكشة
قرأت البوست ... بالفعل هناك شبه ..
وهناك فرق ان الآخر افضل مما كتبت كصياغة ...
لكنني مازلت أتعلم :)
جزاك الله خيرا على التنويه .....
اسعدتني ردك
وعليكِ السلام
إرسال تعليق