Moro وبس !

عفوا ... سأعيش


ظلام ظلام ...

ما كل هذا الظلام ... هل هو حلم ؟؟! ... وإذا كنت أحلم ما هذا الحلم الكئيب ؟؟!

و لكن كيف أستطيع تصنيف نوع حلمي أصلا أو التفكير فيه ...

لا ... أنا لست نائما ... أنا استيقظت !

ولكن ما كل هذا الظلام الكاحل ؟... وأين النور الخافت الذي أجده دائما إذا استيقظت في وسط الليل الساكن ...

يبدو أن التيار الكهربي قد قطع ... ومن الواضح أن في السماء غيوم ... فلا يوجد منفذ يطل منه القمر ..

إنني لم أستيقظ قط ... ورأيت مثل هذا الظلام يغلف الغرفة ...

وترى هل أنتهز الفرصة ... وأخرج من غرفتي و أحاول أن أشاهد روعة السماء ليلا ... وسط هذا السكون الكبير ...

أم استسلم لكسلي ... محاولا النوم مرة أخرى ؟!

لا يمكن ... إن مشاهدة روعة إبداع الخالق عز وجل هي فرصة لا تعوض .. فما أحلى الصمت .. وإختفاء الأنوار بأنواعها ... وسكون كل شيء ...

لأرى الطبيعة دون صوت ... ودون ما يعكر صفو هدوئها ..

فقمت مستعينا بذاكرتي في رسم طريق وهمي داخل رأسي لشكل شقتنا ... حتى وصلت لبابها ...

وخرجت وصعدت بصعوبة .. حتى وصلت للسطح ..

لكنني مازلت أرى الظلام ... فأراه في كل مكان .. بلا أي تمييز ...

فلا أرى فرقا بين شكل السماء والأرض ... أو أي شيء آخر ...

ما هذا الظلام ؟؟!

وأبحث في السماء جاهدا ... لعلى أقابله ... فلا أجده ولا أجد له أثرا ...

وهنا أكاد أصرخ ... أين نجمي ومؤنسي ؟

الذي دوما ما أجده ينير لي الطريق ... ويعطيني الأمل مهما حدث ...

أيمكن أن يكون هناك ليلة بمثل تلك الظلمة ؟؟!

أشعر بأن هناك شيء لا أفهمه ...

آه ... ما هذا الألم الذي يحيط برأسي !!

أحقا ؟! أيمكن ألا يكون حلم هو الآخر ؟! أهذه هي الحقيقة ؟!

أحقا أني لن أستطيع رؤية نجمي ؟!

لن أستطيع أن أجد الأمل ؟! النور وسط الظلام ... الحياة من وسط الموت ؟!

أهكذا فقدت حياتي التي أعتدت عليها !

أهكذا ضاعت كل أحلامي التي طالما حلمت بها !

أهكذا فقدت كل آمالي ؟!

وعلاقات بأشخاص أحبهم ويحبوني !

أهكذا أفقد كل شيء ؟! أفقد حتى الأمل في الحياة ؟!

وشعرت بدمعاتي تسيل ... وكأنها سيل جارف يحمل معه كل حياتي .. ويفنيها للأبد ...

وبكيت وبكيت ... كما لم أبك من قبل ...

وشعرت بأني وحدي ... وحدي تماما .. وقد فقدت كل شيء ... فقدت حتى الأمل في الحياة ..

ووسط كل هذا شعرت به .. يخترق بقوة محاولا بكل جهده أن يصل إلى ..

شعرت بصوت أعرفه وآلفه .. صوت حبيب إلى قلبي ..... رقيق وجميل ...

صوت هادئ شعرت به يربت على كتفي ... من دون أن يلمسني ...

صوت أمي ...

وكأنها سمعت كل كلمه فكرت بها ... ورأت كل دمعه وقرأت معناها ...

فرأيتها تقول لي .. لما تحزن وقد اختارك الله بهذه العطايا ؟

وسكتت لبرهة ... قاومت فيها رغبة عقلي من عدم سماع باقي كلامها ... لرغبة قلبي الشديدة في سماعها بأي شكل ...

فأكملت وقالت ... نعم قد حرمت نعمه ... لكنك تملك الكثير والكثير ...

فلما تقف هنا فقط ولا ترى ما لديك ؟

وماذا يمكن أن يكون لديك ؟

لديك حياتك كلها .. كما هي .. منتظراك ... لم ينقص منها أي شيء ...

أنت الذي تريد أن تبعد عنها .. وتتركها ...

وتريد أن تجلس تبكي طيلة عمرك على الذي مضى ...

واحتضنتني ... وقالت لي : لو كنت تظن أنك وحدك ... فأنت مخطئ ... فإني معك .. ولن أتركك ...

فأنا أعلم ماذا تحب أن تقرأ ... وأن تسمع ... وأن تكتب ...و أن تحلم ... وأن تفكر ...

إني معك ... وسأكون معك في كل هذا ...

وانظر ماذا اكتسبت ...إنك اكتسبت خيالا كبيرا ... ومساحة ضخمه ...

ارسم بها أحلامك ... وعش بها .. وأنا معك ...

وانظر لحياتك ... ماذا من الممكن أن يكون دورك فيها .. ولا تقف ... ولا تفقد الأمل ...

فمن فقد الأمل فقد الحياة كلها ...


من فقد الأمل فقد الحياة كلها ...


من فقد الأمل فقد الحياة كلها ....


فجأه

وجدت نفسي أحلق في عنان السماء عاليا ... وأعلو و أعلو و أعلو .. ووجدت نفسي لم أعد أنا ... وجدت نفسي طائرا يحلق في الأفق ... طائرا يحمله النسيم الجميل ... وجناحاته ترفرف بفرح وانبساط ... وجدت صوتي مختلف ... تمام الاختلاف مثل شكلي ... فوجدته جميلا شاديا ... فرحا .. واختلفت نظرتي للكون أيضا .. فالنظر من أعلى لا يشبه النظر من الأرض في شئ ..

ولكنني فوجئت بشئ غريب ...

وجدت دما يتساقط مني وكلما أعلو كلما تساقط أكثر... فحزنت على نفسي وبكيت ...

ووجدت نفسي اهوي واهوي .. عندما بكيت ..

حتى نزلت ووقفت على شجرة كبيرة .. تحيطها الخضرة من كل جانب ... ويمر أمامها جدول المياه العذبة .. صانعا خريرا يشتبك مع صوت الرياح الخفيف وصوت الكروان الذي قد أحس بان صوته سيكمل المقطوعة الجميله .

ونظرت ساعتها للنهر الصغير ووجدته على غير العاده لونه ليس بمظلم .. كما اعتدت رؤيته في هذا الوقت من الليل ...

بل وجدته أملس ... كان لونه أملس شعرت به دون أن المسه .. ووجدته يجاريني الإحساس عن طريق تلألأ حركاته بلونه الفضي .. من ضوء الونيس .. الذي طالما ملأ ظلمة الليل بالنور الأبيض الصافي ... نور الحب والحياة ...

فكان القمر صاحيا ... ومشاركا في لوحة الطبيعة الرقيقة ...وأحسست به يستعين بالهواء وينادي السحاب لتغطي بعضه .. لترى ضوئه ينتشر من حولها وكأنما أحب أن تكون مظاهرة للجمال يشارك فيها كل يوجد بها ....

وسمعت الصوت الملائكي الصغير ... صوت العصافير الصغار ... وهي تحتاج إلى من يحبها ويرعاها .. ويطمئن لها وتطمئن هي به .. ووجدت نفسي انظر إليها نظرة لم افهمها .. فهي كانت نظرة مليئة بالحب يتغمدها الشفقة ويغلفها الحنان ويشوبها الخوف ..

فماذا سيفعل هؤلاء الصغار لو أصبحوا وحدهم ... فالكل يحتاج للرعاية ... أما هؤلاء فهم لا يحتاجون إلا للرعاية ..

وما أزاح عني الخوف .. كان ردة فعل الأم ... ردة الفعل المتمثلة في إغمار الحنان .. حنان الأم وهي قد لا تدري لما تفعل هذا .. فالحب الجارف هو ما يحركها ...

الحب الذي غرسه في فطرتها ... سبحانه وتعالى الودود ... من يحبنا ... ويرعانا ... ويجعل لنا أمهاتنا تحبنا وترعانا .. حتى رغما عنها أحيانا .. سبحانك ياربي ...

وبينما أتابع المشهد كله بشغف ... و استمتع بالصوت البهيج ..ودورانات الكروان في السماء هو ومن يسعد معه في تلك اللحظة الجميله ..

عاودني الألم وعاودني النزف .. وكأنما هو يختار لحظاتي الأجمل ليفسدها ... فحاولت التغاضي عنه مرة أخرى... ولكني هذه المرة لم استطع ... بل لم استطع التحرك ... فكأنه قيدني دون أن اشعر .. فرغم وجود جناحاتي وقدرتي إلا انه رغما عني .. قيدني ..

وهنا توقفت وفكرت ... من الأصل .. كيف أصبحت هكذا .. كيف أصبحت أطير وأطير ... كيف أصبحت أرى الكون من أعلى ... أراه بشقه الأجمل .. دون رؤية متاعبه وآلامه ... وما سبب هذا الجرح ...

وكنت إما أبقى مكاني أحاول معرفة السبب ... ومداواة الجرح لعله يشفى ... أو أن أحاول وأحاول وأحاول .. لاستطيع أن أطير مرة أخرى ... وهنا تردد السؤال بقوة ... أيمكن أن أعود كما كنت ؟؟!

ولم أكن اعلم من أين ... ولا من ... لكني وجدتها تغطي على كل ما اسمع ... وهي كلمة نعم تستطيع ... تقال بصوت عالي وتتكرر . وكأنها كانت الاختيار الوحيد ... رغم صعوبته ...

فحاولت وحاولت ... وفشلت ...

و حاولت وحاولت ... وفشلت ...

ثم حاولت وحاولت وحاولت ... ونجحت ...

نعم ... استطعت ... طرت عاليا ... وأطلقت صيحة ... قد تكون غريبة ... وقد توصمني حتى بالجنون ... لكنها كانت قويه ... وكأنها كانت هي انطلاقتي ...

ووجدت ساعتها جرحي يجف ... ووجدت نفسي أطير وأعلو و أسمو ... حتى رجعت لمكاني ... رجعت للقمه ...


صمت ...

يزداد ويكبر ... ويصبح أكثر صمتا ...

لو كان لعدم وجود الكلمات لكان معبرا ...

ولكن أن يكون لكثرة ما يمكن قوله .. يكون غريبا ...

هو صمت غريب ...

فتلك هي دوما مشكلتي ,,, أحيانا أقول ما يجول بخاطري ولا احتسب نتيجة ما أقول ...

فينزل هول ما أقول على نفسي ... مثلما ينزل على من يسمع ... فترى الصمت الرهيب ...

الذي مهما كان قصيرا أو طويلا ... يقطع في حبال التواصل ويبني حائطا يكبر حتى لو قطعنا الصمت ...

هو كصمت ... عدوي الأول طول حياتي ... وصديقي الأول لأني لا أجد من أشكو ليه همي سواه ...

فكيف الخلاص من عدو تراه يحطم شيء جميل ...

وفي نفس الوقت صديقك الصدوق الذي لا ستطيع العيش بدونه !


على غير العادة ... استيقظت في ميعادي ... ووجدت الفطور وقد أعد على غير العادة أيضا ...

فأحسست بإشراقة يوم مميزه ... دفعتني في سعادة نحو النافذة ... لأداعب نسيم الصباح المرح .. يدغدغ شعري الكثيف ... ووجهي الذي لم يستيقظ بعد ... وبدأت في عمل كلاسيكيات يومي المعتادة ككل صباح ...

ومع بداية اليوم الحقيقية ...أردت أن استمتع بيومي جيدا فأغلقت نافذة سيارتي ...وبدأت في السير وأنغام الموسيقى التي أحبها تكمل روعة الإحساس الجميل ....

وأحسست نفسي ساعتها ... مشرقا قويا قادرا على العطاء ... مقبلا على يوم جديد ...وفجأة أحسست بصدمة قويه ... هزتني بشده ... فلو أن ما أفكر فيه قد حدث.... فإن اليوم هكذا سينتهي قبل أن يبدأ ... خاسرا كل ما أستمتع به ...

لكنها هي الحقيقة .. نعم ... صدمت سيارتي من الخلف ...!

فأحسست بكل مشاعر الغضب التي أمتلكها وقد تحفزت بشده ووقفت مشهرة سلاحها ظاهرا على قسمات وجهي ...

فلقد انتهت هكذا حالة الراحة والسعادة التي قلما أبدأ بها يومي ... وشعرت بالغضب أكثر وأكثر .... فكلما تذكرت مقابلتي مع مديري في العمل نتيجة لذهابي العمل متأخرا على العادة على الرغم من استيقاظي مبكرا اليوم !!

وازداد الغضب أكثر وأكثر عندما تخيلت شكل سيارتي الآن عندما تصدم مثل هذه الصدمة .. وما يتبعه من قطع غيار وتركيب وسمكرة .... وكل هذا بمبلغ وقدره .....!

ولكن قبل كل هذا ... أنا يجب أن اخرج لأتشاجر معه ... نعم ... لكن إن آخر مشاجرة رأيتها على حادث مشابه أخذت وقتا طويلا بالاضافه إلى الصياح ومحاولة كل طرف تبريء نفسه ...

ثم بعد كل هذا زوجتي ,,,, يا الله ..... ألطف بنا يارب ...!

وحاملا معي كل هذا وأكثر ... فتحت باب سيارتي ... وقد أحسست أنني أريد قتل من صدمني فعلا ... فمن تسبب لي في كل هذا ... ودون أي ذنب مني ... يستحق كل ما سيلاقيه مني ...

فاندفعت مسرعا .. مجهزا كلماتي ... محددا نبرة صوتي الحادة ... والانفعال يحركني أكثر وأكثر ...

وبينما أستعد للبدء .. إذا بي أجد ... ما لم أتوقع مطلقا ...

فكل ما وجدته هو عينان ضيقتان ... مغرورقتان دمعا ... ووجه مرتعد خوفا ...

وملامح دقيقه لا تشعرني غير بالشفقة ... وتوحي بكثرة مرور الزمن وتوقفه في هذا الوجه ... ووجدت نظرة أمل وخوف مشوبة بالحنان تجاه بناته الثلاث اللاتي بجانبه ... و كأنها نظرة وداع ليواجه ما هو آتي بغضبه وقوته ... يواجهه بضعفه ودموعه ...

و أنا أتابع كل هذا .... فوقفت في مكاني مشدوها ... لا أعرف ماذا أفعل ...

وقد تكسرت بداخلي كل الدوافع القوية السابقة ...

ووجدت نفسي أنظر إليه نظرة طويلة ... لا أعلم مداها ... نظرة عميقة أوصلتني لبعيد .......

نظرة ... وجدتها جذبت ابتسامة ارتسمت على وجهي .. حتى دون أن أعلم ...

وهنا وجدتني أطبع قبلة على جبينه المشربة بالعرق ... قبلة أنقل من خلالها قوتي لضعفه .... وأنقل إلي من حبه ورحمته لقسوتي ... قبلة تواصل ...

فجفف دموعه ... ودعا لي دعوة جميله ... وتحرك بسيارته ... وقد تركني وسط نظرات تعجب و إعجاب ... وفرحة ... وحزن ... نظرات مختلفة وكثيرة تحاصرني ... لكن أهم ما تركه لي فعلا هو إحساسي بأن يومي مميز فعلا ...!


قالها وهو لا يعلم ماذا تعني ...

قالها فقطعت كل شراييني ... ودمرتلي أعصابي .. ولدت بداخلي إحساس ثقيل يكاد يطبق على صدري ...

مؤلم للحد الذي يبكيني ... وقاس للحد الذي يبترني ...

فكيف أنا بمسئول ... أهو ذنبي فقط أنني الأب و أنه الابن ؟!

أم أنه ذنبي أنني شريف في زمن عز فيه الشرف ...

إن أصبح الشرف هو الفقر ... والفقر هو الشرف ... فما ذنبي ؟!

إن أنا ربيت وعلمت وأدبت وصاحبت وداعبت وساندت وحاولت ...

وأنت ... انحرفت !

فما خطأي ؟

فكيف أنني المسئول ؟؟؟

هل يكفي أن أكون أب لأكون مسئول ...

ويكفي أن تكون ابن لتكون معافى من المسئولية الملقى علي ...

أتقولها هكذا لتبرر انحرافك ؟

أم تقولها لتقتص ممن ضيعك ؟

أم تقولها كما سمعتهم يقولون ؟

لقد قتلتني بالمسئولية مرة حين قلتها ... ولكني أقتل كل لحظة مما أنت فيه الآن

فكيف الخلاص من الم ابن لا يفقه ماذا يقول ... وألم قلب انفطر على ركنه المفقود .


إذا بي فجأة توقفت عن الكلام ... فقد صدمت ...

ما هذا الذي أفعله .... وكيف ؟؟؟

بعد كل هذا وما جزائي ...

أهكذا تكون النهاية ... وبمنتهى السهولة ...

وفجأة أحسست أني أكرهه .. أكرهه جدا ...

يريد الزواج من ابنتي و أخذها مني ...

وكيف ... من هو لكي يشاركني .. بل يأخذ ابنتي مني ...

أنا من سهرت احملها في مرضها ... أنا من داعبتها في أنسها ...

وشاركتها فرحتها عند النجاح ... وكل تلك رحلة الكفاح ...

فيأتي هكذا ويأخذها مني ... لا .. لن أسمح له ...

سأرفض .. سأرفض تلك الزيجة .. سأرفض ...

لكن .. لكن الآن ماذا سأفعل ؟؟

هل أقول له الآن أم ماذا ؟

فإذا بفضيلة المأذون يصرخ في وجهي مطالبا للمرة الثالثة أن اردد وراؤه بقية كتب الكتاب الذي وقفت فيه عند الجملة المحورية ...

وبنظرة مخيفة من وجه المأذون ... أكملت ما كنت أقول ...

راضخا لرغبة ابنتي التي حملتني على الموافقة ... ونظرة المأذون التي أجبرتني على الاستمرار في الموافقة ...


شجرة وارفة الظلال ... غزيرة الأوراق ... واقفة صامدة ...

تهب عليها الرياح بقوة ... وهي كما هي ... تهتز لكنها لا تنهار ...

تقاوم ... لكنها لا تستسلم .. هي قوية على الرغم من كونها في النهاية شجرة !!

هي اختارت أن تكون قوية ... تواجه المصاعب ... لا تهرب منها .... أو تستسلم لها ,,,

وفي وسط كل هذا ... هي تحتوي مجموعة من الطيور الصغيرة ... فتبني الطيور أعشاشها على الشجرة ...

فأصبحت هي المأوى ... أصبحت هي الأمان ... وقد يكون هذا هو أهم أسباب قوتها ...

فإنها تواجه كل المصاعب لها ولهم .. أو قد نقول لهم ولها .. لأنههم هم الأضعف و الأجمل ...

ويوجد مع الشجرة ظلها الذي هو للجميع ... ويستمتع ويرتاح إليه الكل .. وهي تكون أسعد ما يمكن ...

فإنها تريح الناس دون أن يقدموا مقابل ... ولو حتى في صورة شكر ... لكنها لا تزال تقدم هذا الخير ...

وقد تجد شيخ عجوز يحتاج للظلال .. فيرتاح ... وقد تجد طفل صغير لسعته الشمس الحارقة وهو يلعب فيركن إليها ... فرحا ...

وقد تجد أصدقاء يسيرون في طريقهم ويمرحون عند المرور من عندها ... ليستمتعوا بظلها ولو لثواني ...

وأيضا قد يمر من عندها ... من لا يستحق ظلها ... لكنها تستمر في العطاء .. بل وتزيد من إظهار عطائها ... لعل الرسالة تصل ... لأن العطاء رسالة .. لكن قد لا يفهمها كثيرون ...

وقد تجد من يؤذيها رغم عطاؤها له ... فتحزن ... وتحزن ... ولكن الحياة تسير ...

وقد تجد أيضا من يحبها ويرعاها ... فتفرح وتسعد ... وتمر تلك الأيام أيضا .. ففي الحالتين ستسير الحياة ...

فلو كانت توقفت عن الأذى ... لما استطاعت العطاء ....

ولو توقفت عن السعادة أيضا ... لم تستطع أن تفهم من لا يستحق عطاؤها ورغم ذلك تعطي ...

وتمتد جذورها في أرضها .. محتفظة بكونها شجرة ... متمسكة بحياتها ... بشكلها .. بكل حياتها ... بقيمها ,,,,

ترى هل نستطيع أن نكون شجرة ... فما تلك الشجرة إلا حياتنا ... وأنت من تختار...




لم تكن هي الأجمل ... لكنها كانت جميله ... وأجمل ما فيها أنها ترى نفسها جميله ... مما جعل الجميع يحبها ... فهي ليست كمن هم يبحثون عن شيء ما دوما عند الآخرين ...على الرغم من جمالهم المعهود ...

وسألت إحدى زميلاتها ... ما المميز اليوم ... مال الشمس تبتسم لنا ... والشجيرات تمتلأ نضارة ... ونحن نبتسم وفراشاتنا تطل علينا بألوانها المشرقة ... والهواء يدون ضحكاته في نسيمه الرقيق ...

فقالت لي انه الربيع ... فصلنا ... فصل الزهور ... فنحن نستمتع به .. وهو يتمتع بسعادتنا به ...

فابتسمت وقلت .. وكيف لي أن أشكر الربيع على لون السعادة الذي غمر به الحياة ...

فقالت تشكريه ... بأن تسعدي من حولك .... فلو أسعدتي من هو حولك ... تكوني قد شاركتي في مهرجان السعادة ... وتكوني جزء من اللون المنتشر ...

ولكني لا أشعر أن هذا يكفي ...

فردت زميلتها ... انكي لو تعلمي معنى السعادة ... وجمالها لشخص تعيس ... وكيف هي حياته لو ملأت السعادة حياته ... لما توقفت لحظة عن إسعاد الناس ... فهذا هو أجمل شيء في الحياة ,,,

كن جميلا ... ترى الوجود جميلا ...



لمحتها ... فكان سنا ضياؤها ... يقترب من نور الشمس ... كانت تضيء قلبه وقلبي وقلب كل من حوله ... كانت نقيه وطاهرة .... ومعبره ....

لم تكن هي الأجمل ... بل هي كانت الأكثر حنانا .. فهي ابتسامة أب ,,,

أب يحب ابنه... ويفرح لفرحه ... فكانت لحظات أسمع فيها صوت خفقان قلب الأب وهو يرى حبه الأكبر ... يلهو في الرمال ... ويأتي بحفنة أخرى ممزوجة بماء البحر ... ليضعها عليها ... والأب يتابع ... وقد تبسم وجهه كله وليس فمه فقط ...

ثم ارتمى الأب في البحر فرحا ... مشجعا ابنه الصغير ... وهو يضحك ويشير له ببرودة المياه للمرة الأولى ... ويمتزج هنا ضحك الأب بضحك الابن ,,,

ثم لا يلبث أن يحتضن ابنه حاملا معه كل الحب والسعادة مدورا إياه ... وكأنه يباهي كل ما حوله بابنه الوحيد ... سعيدا فرحا .. بضحك وابتسامة طفله !



About this blog

مدونتي هي صوتي ... هي منبري .. هي أنا !

صندوق الموسيقى


MusicPlaylist

ما برميش زباله في الشارع

Facebook Badge

من أحب أن أتابعهم !

لو بتدور على حاجه ... دور هنا :)